أنهى المخرج الايراني الشهير مجيد مجيدي تصوير فيلم “محمد رسول الله ” (صلى الله عليه وآله) الذي يتناول سيرة رسول الله حتى بلوغه الثانية عشرة من عمره الشريف ، ويتوقع ان يعرض هذا الفيلم خلال العام الجاري في صالات السينما الايرانية بالتزامن مع دور العرض في الدول المسلمة بعد دبلجته الى ثلاث لغات هي العربية والانجليزية والاوردو.
و يحكي الفيلم عن الفترة التي سبقت ولادة النبي (صلى الله عليه وآله) لحين بلوغه الثانية عشرة من عمره الشريف ، و تم تصوير 99 بالمائة من المشاهد في ايران ، وصورت المشاهد المتعلقة بخروج ابرهة الحبشي بجيش كبير للهجوم على مكة وهدم الكعبة المشرفة في القارة الافريقية.
ومن أبرز الوجوه الفنية التي شاركت في الفيلم الفنان مهدي باكدل بدور أبي طالب وعلي رضا شجاع نوري بدور عبدالمطلب ومحسن تنابندة بدور صاموئيل وداريوش فرهنغ بدور أبي سفيان ومينا ساداتي بدور آمنة وسارة بيات بدور حليمة السعدية وبانته آ بهرام بدور فاطمة بنت أسد .
و أكد مخرج الفيلم السينمائي التاريخي مجيد مجيدي أنه استفاد في انتاج الفيلم من كتب التاريخ الاسلامي، انطلاقا من تاريخ ابن هشام ومرورا بتاريخ الطبري وكافة النسخ التاريخية الاخرى التي دونت في هذا المجال ، واضاف مجيدي في مؤتمر صحفي حول الضجيج المفتعل بشأن هذا الفيلم الذي اعتبرها وجهات نظر متسرعة، قال: ” أننا أغلقنا الطريق أمام أية شبه . من جهة أخرى اخترنا حقبة من تاريخ حياة النبي الاعظم (ص) التي سبقت الولادة و إلى مرحلة الطفولة و بدايات الشباب لنعالج مبدئيا موضوع ظهور الاسلام ” ، و تابع: ” أن الفيلم يرد على سؤال “ما هي ضرورة مجيء الاسلام؟ و يعالج مرحلة العصر الجاهلي قبل مجيء الاسلام حتى ولادة الرسول محمد و حياته و سفره في سن 12 عاما برفقة عمه أبي طالب الى الشام، و بعد وصولهم الى الراهب المسيحي بحيرا تنتهي القصة حيث يبشر الراهب أبا طالب بنبوة ابن أخيه محمد (ص) ، و أضاف: “هذه هي حقبة لا خلاف حولها بين أبناء مختلف المذاهب الاسلامية ولذلك فأنا متأكد أن عرض الفيلم يؤدي الى وحدة العالم الاسلامي”.
و حول الأسباب التي دفعته لإنتاج هذا الفيلم قال المخرج مجيدي: هناك نوع من العناد والمناهضة للإسلام بدأت في الغرب في العقود الماضية وبلغت ذروتها في الاساءة لقدسية الرسول (ص) بنشر الرسوم الكاريكاتورية والافلام المسيئة له عليه الصلاة والسلام، كما كانت هناك قراءات خاطئة عن الاسلام وتم تقديم صورة عنيفة و مشوهة عن الاسلام وبالتالي تم ربطه بالإرهاب والحرب واراقة الدماء”.
و أضاف المخرج الإيراني: “من المؤسف انه تم ترسيم نظرة راديكالية عن الاسلام، تلك النظرة التي اعتمدت في قراءاتها على الجماعات المتطرفة والقاعدة والذين شوهوا صورة الاسلام الحقيقي السمح ولذلك فان الغرب أخذ هذا الجانب الخاطئ وتجاهل الاسلام الحنيف الحقيقي الذي ليس له علاقة بالإسلام الطالباني”.
وختاما قال مجيدي: ” إنني بذلت قصارى جهودي في هذا الفيلم لتقديم صورة حقيقية عن الاسلام ونبي الرحمة و”رحمة للعالمين”.
و يقارن مجيدي أنه في ظل وجود أكثر من 200 فيلم تتناول حياة المسيح عليه السلام وأكثر من 100 فيلم عن حياة النبي موسى عليه السلام، لم ينتج خلال 40 عاماً سوى فيلم واحد عن سيرة الرسول محمد (ص) ، و فيما يخص السيناريو الذي شارك في كتابته مجيدي بمعية كامبوزيا برتوي وحميد امجد فقد انتهى مسودته خلال ثلاث سنوات ، و السيناريو تم إقراره من قِبل فريق من المؤرخين والباحثين في السنة النبوية الشريفة ، وتمت ترجمة الوثائق التاريخية للأحداث بمساعدة فريق آخر شارك فيه عدد من رجال الدين من دول عدة مثل إيران و المغرب وتونس ولبنان والعراق و الجزائر ، ويقول مجيدي ” لسوء الحظ لا توجد مصادر شاملة كاملة حول طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما المصادر المتاحة تحوي بعض البيانات المتكررة والمزيفة”.
يشار الى ان هذا الفيلم هو ثاني أكبر انتاج سينمائي ايراني حتى الآن وتكون ميزانية انتاجه اكثر بكثير من نظرائه الداخلية في المضامين الدينية حيث يعتبر هذا المشروع الفني الأكثر تكلفة في تاريخ السينما الإيرانية ، وتم تصوير ٩٩ بالمائة من المشاهد في ايران؛ بينما صُورت المشاهد المتعلقة بخروج “ابرهة الحبشي” بجيش كبير للهجوم على مكة وهدم الكعبة المشرفة، في القارة الافريقية. وتم انتاج الفيلم بجهود فريق فني ضم اشهر الفنانين والمصورين من ايران وعدد من الدول العربية والاجنبية.
و قد كشف مصور الفيلم محمد فوقاني أن مجموعة صور هذا العمل الضخم سوف توثق في كتاب مصور ، و أضاف فوقاني أنه يقوم بجمع و تجهيز أجمل صور هذا العمل بطلب مخرجه مجيد مجيدي والمنتج محمد مهدي حيدريان، من أجل طباعته و نشره قريبا .
كما نشر الفنان الكرواتي “ميلجن كركا كلجاكويتش” مصمم مشاهد و ديكورات الفيلم الذي يعتبر أكبر مشروع للسينما الإيرانية ، وتشمل الصور ديكورات مكة المكرمة والمدينة المنورة وديكور من بيت “عبد الله” والد النبي (ص) – ومنزل آمنة والدة النبي محمد (عليهم الصلاة والسلام).
و قد أراد المخرج مجيدي من هذه الخطوة والخطوات المشابهة كالتصوير في أفريقيا و ترشيح فنانين أجانب للمشاركة في العمل، أراد أن يكون هذا العمل على مستوى عالمي لأجل استقطاب مشاهدين عالميين وتعريف العالم بشخصية النبي الاكرم محمد (ص) حيث ضم فريق عمل الفيلم، حاصلين على الاوسكار منهم المصور العالمي المعروف الايطالي (فيتوريو اسطورارو) الذي قال حول تصويره مشاهد فيلم “لقد كان كتاب رسم لـ محمود فرشجيان الرسام الايراني الشهير مصدر الهام لي في تصوير مشاهد الفيلم”.
و قال الايطالي مدير التصوير (فيتوريو ستورارو) الحاصل على ثلاث جوائز اوسكار في لقاء له نشرته مجلةMovie Maker السينمائية التي تصدر في امريكا، حول انضمامه الى المشروع السينمائي الايراني الكبير: في سنة 2010 عملت مع المخرج الجزائري رشيد بن هادي في عمل سينمائي جزائري، ولغرض أن أتعرف على الاسلام اكثر شرعت بقراءة كتاب عن حياة الرسول محمد (ص) ، و ما أن اتممت الكتاب، و كما في الاحلام، تلقيت رسالة الكترونية مضمونها، هل أنت راغب بالعمل في انتاج الجزء الاول من ثلاثية سينمائية عن حياة الرسول محمد (ص) ؟ ومن ثم جرى اللقاء بين اسطورارو من جانب و المخرج مجيدي والمنتج مهدي حيدريان من جانب آخر في روما يونيو سنة 2010.
و أضاف: فيتوريو اسطورارو في اللقاء حول العمل ومتلقيه: لقد أوضحوا لي أنهم يرجحون في الاهمية التركيز على المخاطب او المشاهد العالمي على قصة حياة الرسول (ص) ذاتها و أن يفهم الناس في العالم معنى القرآن، فسألت هل أن الفيلم يهدف إلى أن يوحد الناس بمختلف أديانهم في العالم، أم يصنفهم إلى أقسام ؟ فأجابوا أن الهدف هو ان يوحدوا الناس بأديانهم وقناعتهم المختلفة، و قالوا: أن رسول الله محمد (ص) هو قصة على مستوى الانسانية ، و بعد المحادثات الأولية حول العمل قرأ فيتوريو اسطورارو القرآن و كتاباً عن حياة الرسول (ص) و زار عدة متاحف منها المتحف الوطني في طهران، وهو المكان الذي يوجد فيه نصوص و رسوم وتماثيل كثيرة عن ذلك الزمان.
و أشار فيتوريو ستورارو إلى اسم يعرفه الايرانيون جيداً قائلاً: أرشدني مجيدي الى مشاهدة لوحات رسم في كتاب لاحد الفنانين اللإيرانيين الكبار و اسمه محمود فرشجيان فكان هذا الكتاب بمثابة مصدر الهام لأفكاري في الفيلم.
ومن ضمن فريق عمل الفيلم الحاصل على الاوسكار في المؤثرات البصرية عن فيلم “باب” لسنة 1996 وهو سكارت اي اندرسون، وقد تولى مهمة صنع المؤثرات البصرية لمشاهد هجوم إبرهة الحبشي في الفيلم، ولـسكارت اي اندرسون أعمال في المؤثرات البصرية للأفلام: “مغامرات تن تن” و”ترميناتور 2″ و “البوابة التاسعة” و”كينك كنك” و”العظام المحببة ، وضم فريق عمل مجيدي ملجن كركاك كاكوف تيس الحاصل على جائزة سيزار و المرشح لعدة جوائز أخرى وهو مصمم ديكو ومشاهد معروف عالمياً.
المخرج الإيراني الشهير مجيد مجيدي حاصل على جوائز عدة وطنية و دولية و من أبرزها عن فيلمه “أبناء الجنة”. وقد رشح في وقت سابق لنيل جائزة أكاديمي عام 1998 لأفضل فيلم بلغة أجنبية.