مدونة رسالي .. للأدب و الفن الرسالي

“مغادرة كوكب الأرض” بريطانيا تشاهد أول مسرحية خيال علمي

25 يوليو, 2014
11465_my_neighbor_totoro

“مغادرة كوكب الأرض” بريطانيا تشاهد أول مسرحية خيال علمي

بل بدء العرض بوقت قليل وصلت رسائل الكترونيه الي جمهور مسرحيه «مغادره كوكب الأرض» في مهرجان «ادنبره»، مفادها: «الرحله الي الكوكب الجديد تنطلق الساعه الثامنه مساءً من امام مركز ادنبره الدولي للمؤتمرات حيث ستقلكم الحافلات الي هناك وتعيدكم مره اخري…». بدت الرساله مشابهه لتلك الرسائل التي تبعث بها شركات السياحه العاديه، خصوصاً عندما تسال الفرقه المنتجه للعمل المسرحي «غريد ايرون» حمله تذاكرها، سكان الكوكب الجديد، عن تفضيلاتهم اثناء الرحله وعن ذكرياتهم عن الكوكب العتيق بما يفيد مسار الرحله المقبله. قد يبدو هذا الكلام غريباً، لكنه مدخل للحديث عن اول عرض مسرحي من نوع الخيال العلمي، الذي قدّمته السينما والروايه طويلاً.

يُستكمل هذا الايحاء الذي يكسر الحاجز بين الخيال والواقع عند الوصول الي مركز التسلّق المصطنع «راثو» الاسكتلندي، الذي تمت الاستفاده من تصميمه كخلفيه لموقع العرض، واستغلال تفاصيل معينه مثل صخور ضخمه مُخصصه لهواه تسلق الجبال. فوجودها يوحي بانها جزء من كوكب في المجرّه. وهناك تبدا لعبه الوهم الاكبر، الجمهور ينزل درجات عدّه كانه يغادر عبر مطار، ثم يصل الي الموقع المُفترض. المسرحيه ليست مسرحاً عادياً، فهي لم تكتفِ بالاعتماد علي اداء الممثلين والتحكم بالاضاءه والمؤثرات الصوتية، بل استُخدمت فيها تقنيات رقميه هائله علي هذا المستوي، توحي للمتفرج بانه وصل الي كوكب جديد. شريط فيديو غير تقليدي يرحب بالزوار المسافرين ويعلن: «وقتكم علي الارض قد استنفذ»، وعليه يجب ان يبحثوا عن كوكب اخر يوفر لهم فضاء للسلام والسعاده… فالبشريه علي شفا الكارثه فوق كوكب الارض الذي يستعد للموت، وهذه المجموعه البشريه هي المتبقيه والتي حظيت بفرصه مغادرته بالقفز من الكوكب المحتضر الي الكوكب الجديد. يقوم جمهور كل عرض بدور اخر، دفعه من المهاجرين من الارض بمساعده «منظمه المستقبل للمجرات» واشراف «فِلا» الاختصاصيه العالمه بشؤون الكوارث التي اصبحت رئيسه للكوكب الجديد، وهي التي ستقود السكان الجدد الي بناء مجتمع جديد من خلال مناقشه ماذا تركوا وراءهم اساساً في الكوكب القديم، وماذا تعني البدايه من جديد والقطع مع الماضي، وما هي مواصفات «اليوتوبيا» التي يتطلعون للعيش في ظلها، وما مستقبل الديموقراطيه، وشكل علاقتهم مع الكوكب الجديد وكيف يمكن ان يبنوه بطريقه لا تكرر مشاكل الكوكب القديم، وما هو الدور الذي يمكن ان يقوم به البشر لبناء هذا المجتمع الجديد؟

يؤكد المخرجان حرصهما علي التاكيد للجمهور ان الغرض ليس مشاركتهم في العرض بذاته، بقدر رغبتهم في ان يُعايشوا التجربه المسرحيه والفكره المستقبليه في التخلص من ماسي الارض ومشاكلها، من خلال طرح الاسئله علي الجمهور وليس اعطائهم الاجوبه. اما الباحثه «فِلا» فتملك رؤيه مستقبليه للمجتمع، لكنها لا تستطيع ان تتنبا بردود افعال البشر ومواقفهم ازاء الظروف الجديده.

اعتمدت المسرحيه في نصها علي مقاله نشرها كاتب انكليزي وناشط بيئي وسياسي هو جورج مونبيوت، طرح فيها اسئله عده حول امكان انقاذ العالم من ازمته الاقتصاديه، لانه اذا استمرّ بالانحدار فانّ كوكب الارض سيتحول الي عنصر قابل للتخلص منه عبر سكانه انفسهم، وهي فكره تتناقض مع النهايه الكارثيه التي روجت لها سينما هوليود مثل تدمير كوكب الارض علي يد سكان مجرات اخري، او حصول كارثه تنهي الارض تماماً بصوره مفاجئه. في هذا السياق، كانالتحدي الكبير امام الفرق، خصوصاً في مجال استخدام التكنولوجيا الرقميه وتمييزها عن التجارب السينمائيه. مع التاكيد علي عدم استخدام هذه التكنولوجيا مجاناً، بل للمساعده فقط في سرد الحكايه وترك الفسحه لخيال الجمهور والثقه بهذا الخيال ايضاً.

تعاونت كاترين ايفانز ولويس هثرينغتون علي كتابه النص المسرحي والاخراج مده ثلاث سنوات، ضمن فرقه مسرحيه عرفت بجراتها في التجريب المسرحي، وحصلت علي 25 جائزه خلال ثماني عشره سنه. كان هثرينغتون من عشاق الخيال العملي ومن متابعي مسلسل اميركي مميز استخدم هذا النوع بتفوق ليمارس النقد السياسي حيال حرب العراق. اتفقت الفرقه في البدايه علي ان يكون العرض المسرحي صغيراً وان يُعرض علي مسرح محدود، لكنّ النقاشات الدائمه بين الكاتبين والممثلين وبقيه الفرقه ساهمت في تطوير المشروع وتوسّع طموح المُشاركين فيه. من ثمّ فكروا بضروره تحريك الجمهور الذي سياخذ دور المهاجرين، وكان يحتاج الامر مكاناً فسيحاً يضمّ ابواباً للدخول والخروج، ومن هنا جاء اختيار «مركز التسلّق». وتمّ التواصل لاحقاً مع «مركز جامعة إدنبرة للتصميم» في ما يخصّ التعاون معهم في ديكورات العرض ومؤثراته المختلفه. اما اداره مهرجان ادنبره فرات انّ العرض يتوافق وعنوان معرض هذا العام الذي يحتفي بالتكنولوجيا ، فتعاقدت مع فرقه «غيلت ايرون» علي ان تعرض لحسابها .

القراءات :4374

إضافة تعليق

احدث التدوينات

الأرشيف
بحث عن :
شبكاتي الاجتماعية
Untitled 1



 

                                                                    
                             مدونة رسالي - محمد شاكر جراغ © كافة الحقوق محفوظة 2010-2013 
                                                                 www.jaraq.net