قصص قصيرة جداً جداً | كتبتها في عام 2010

سراب

في صحراء قاحلة، أجهدت نفسي للبحث عن وسيلة نجاتي. تأرجحت عبارات الناس في عقلي:

“لا تخض رحلتك في الصحراء” “حتما سيصاحبك العناء” “ستغدو ذهابًا دون إياب” “كل ما ستراه سراب في سراب” “سراب .. سراب .. سراب .. سراب …”

ولا زلت أسير، فأجهدني طول المسير.

وجدت بستانًا، لم يكن سرابًا. أكلت منه ما لذ وطاب، ارتويت منه عذب الشراب.

برهة من الوقت، اكتظ البستان بالناس، نفسهم من كانوا يرددون: “لا ترحل .. إنه سراب .. سراب .. سراب .. سراب …”


خير دواء

تجرع الدواء، لعل فيه الشفاء من الآلام التي عانى منها سنوات.

لحظات، هوى جثة جامدة!

حينما سُئل من سقاه الدواء، أجاب: “سقيته سُمًّا، فإنه شفاء أبدي وخير من ألف دواء!”


القرقيعان

قلم الفتاوى كتب: “عادة تراثية.. إنها بدعة دينية” ليمنع فرحة رمضانية!

مرت سنوات، نكسر القلم رأسه، ثم بصق على صاحبه، لعله يرشد عقلًا.


الحل الوحيد معه

استسمحوه، لم يقبل السماح. عذروه، لا يريد الأعذار. أرضوه، لن يبلغوا الإرضاء. رجوا منه، أدبر عنهم.

فما الحل؟

هوت على وجهه صفعة، فقام إليهم بالاعتذار…


صراخ القبر

مررت بين صمت القبور، كأني سمعت الصرخات من جوف أحدها: “أبنائي، مرت السنوات، لم يزرني أحد. هل من عمل صالح ينقذني من عذاب الظلمات؟”

لاح لي شاب من بعيد، لعله جاء ملبيا لنداء الاستغاثة، لكنه بصق على القبر قائلًا: “أبي، إنك لا تستحق العناء. فلم أرث منك إلا سوء الأخلاق.”


كتاب

اشترى كتابًا بثمن زهيد، قلب صفحاته، كانت بيضاء لم يكتب بها شيء!

سأل الناشر عن سبب ذلك، فعلل بأنه كتاب لا يشتريه إلا اثنان: جاهل بالقراءة أو شخص لا يقبل آراء الآخرين.


أمن العقوبة

أمر الوالي الجلاد بتنفيذ العقوبة على صاحب جنحة، لكنه نسي أن الجلاد لا يملك يديه… لأنها قُطعت لجناية السرقة.


طعن الصلح

أصاب صديقه بطعنة منه، وزاد عليه من الطعنات، فقط ليثبت لعدوه حسن نيته في الصلح معه.


قرار

أصدر مسؤول قرارًا جديدًا لتنفيذ عقوبة الإعدام: “اعدم شخصًا بإعدام إبداعه.”


لسان الطبيعة

سمحنا للطبيعة أن تتحدث، فاشتكت قائلة: “سيأتي زمان أقسو عليكم كما قسيتم علي.”


الفارس

كسر الفارس سيفه، بعدما علم أن أجبن الحرس عنده تقلد منصب أمير الفرسان.


جشع

ألقى بنظراته إلى مستقبل بلاده بعد عشر سنوات، فرأى أعاجيب ذلك الزمان:

محلات تبيع الماء من مضخات، وأخرى تبيع الهواء في زجاجات، وأخرى تبيع ضوء الشمس في منارات، التراب في علب لمن أراد زرع النباتات، زيت يباع بالقطرات، سحب مخزنة لحين الحاجة في حافظات، وأخرى وأخريات.

كل شيء يباع بالأغلى دون تخفيضات.

قال: “نعم، أصدق ذلك. جشع تجار اليوم فيه مآرب لهم في الغد ومخططات، وسيكون أعظم ما هو آت.”


إلى المريخ

انطلقت المركبة الفضائية تشق عنان السماء. باع راكبها كل ما يملك ليمضي في رحلته إلى سطح المريخ، فقد سأم من مخالطة البشر أجمع ومسايرة عقولهم، وقرر العيش وحيدًا.

ما إن حطت المركبة على المريخ، رأى مدنًا مأهولة غطت مناطق عديدة، يصدر منها ضجيج وعجيج، ولوحة تسبح في الفضاء مكتوب فيها:

“أهلا بكم في أرضكم الثانية، المنتجع السياحي للزائرين من الأرض إلى المريخ.”


بضغطة زر

بضغطة زر، أنشأ الشرقي مصانع حضارته.

بضغطة زر، طار الغربي عنان سمائه.

بضغط أزرار، لا يزال العربي يجهل غاية الضغط عليها!


جفاف

جف البحر من كثرة شرب العطشى منه.

Loading

اقرأ أيضاً...