كانت السماء في تلك الليلة ترتجف بين صوت القذائف وأزيز الطائرات، ولم يكن لأحد أن يميز بين دمعة وقطرة مطر، فقد اختلطت كل الأشياء في ذلك الركام الموحش.

في ركن مهجور، كانت عائلة صغيرة قد تجمّعت، يحتمون ببقايا جدران منزلهم المهدم. أصوات الأطفال تصارع الجوع، عيون الأمهات تحمل سؤالًا أبديًا دون إجابة، والآباء يحدقون في اللاشيء، انتظارًا لأمل ضائع في أفق بعيد.

سقطت قذيفة أخيرة مزّقت اللحظة إلى ألف قطعة! في لحظة، تناثرت العائلة كأوراق الشجر في خريف مبكر؛ كل فرد فيها اتخذ طريقًا مختلفًا دون إرادته…!

الرضيع اختنق في الحاضنة حين انقطعت الكهرباء.

الفتاة الكبرى نزفت حتى الموت على أرض المستشفى المقصوف، ولم يلتفت إليها أحد.

الولد الأوسط فقد في الزحام حين ركض مع الغرباء ولم يعُد.

الأم كانت تحمل رغيف خبز حين أصابتها الشظايا، وبقي الرغيف على الأرض لم يُكمل احتراقه.

أما الأب، فظل صامتًا بين الأنقاض، ويده ممدودة نحو السماء كأنه كان على وشك أن يسأل شيئًا… أو يغفر شيئًا!

وفي بلدٍ بعيد، لم تُسمع فيه صافرات إنذار، إذ لم تكن الحرب تقترب منهم، لا طائرات فوق رؤوسهم ولا قذائف… ومع ذلك، هلعوا من أن تفرغ الثلاجات! اكتظّت الجمعيات بالناس حتى امتدّت الطوابير، هلعٌ مفاجئ سبّبته نشرات الأخبار والرسائل الصوتية المنتشرة !

وقف الولد السمين في الطابور يلعق آيس كريم بالفراولة! إلى جواره كان الأب يشرب مشروب طاقة، تتدلى كرشته بثقة على عبوة الماء الكبيرة! والأم تلتقط بفخر صورة سيلفي للعائلة بعبارة “صامدون رغم الحرب”!

Loading

اقرأ أيضاً...